أسماء.. دموع الحنين تبكي الحاضرين
تلقت أسماء "20 عاما" دعوة خاصة لحضور حفل تكريم لأهالي الأسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، قرأت بطاقة الدعوة دمعت عيناها، تذكرت والدها "بسيم الكرد" الذي دخل في العام 20 في غياهب السجون، وكيف لا تدمع وهي التي لم تره طوال تلك السنين العصيبة، بل وقد فارقها وهي في المهد.
في يوم الحفل التكريمي لأهالي الأسرى، جلست أسماء في أحد المقاعد، تنتظر أن يقدم عريف الحفل كلمة أبناء الأسرى، لأنها اعتادت أن تتكلم باسم أبناء الأسرى في غزة، وتم منحها لقب الناطقة الإعلامية باسم أبناء الأسرى في غزة.
وبينما كانت أسماء تحلق بفكرها بعيداً نحو الحرية وعودة أبيها، سمعت المقدم يقول.. أما الآن مع كلمة أبناء الأسرى الأبطال.. فلتتفضل الناطقة الإعلامية باسم أبناء الأسرى.. أسماء بسيم الكرد.
بخطوات تعتريها الجرأة تقدمت أسماء، أمسكت بالمايكروفون، وصرخت بملء فيها، أبي .. عد إليَ يا أبي .. فأنا لم أرك منذ سنين، عد إلي يا أبي فعيناي لم تهدءا من البكاء والأنين، عد إلي أبتاه الغالي فقلبي المشتاق يدفق دماً بعبارة مكتوب عليها اسمك بسيم .
أوقف الدمعُ أسماء عن الكلام، تمالكت نفسها ثم أكملت: يا أبي كل يوم أنتظرك على الإفطار .. أنتظر عودتك أيها الغالي، فأنت لم تحتضني منذ أن أتيت إلى هذه الدنيا، ما هذا الظلم أيها الظالمون، ماذا فعلتم بي، حطمتم قلبي الصغير...كنتُ وأنا طفلة صغيرة أسأل أمي متى سيعود أبي يا أمي .. أريد أبي .. فتحضنني بقوة وتبكي بكاء مريراً.
أبي الغالي .. عيناي لم ولن تيأسا من البكاء يوماً، ، ولن تتوقفا عن البكاء أبداً، لطالما هناك عرق ينبض بي، أحبك أبي .. أحبك أبي .. أحبك أبي ...
بنبرات الحزن أكملت أسماء قولها: أبي .. كل يوم تطلعُ فيه الشمسُ معلنة ولادة يوم جديد، أتساءل في نفسي .. متى ستشرق شمس الحريةِ وتعودُ يا أبي إلينا، فأمي ما زالت صابرة يا أبي ... ترقب عودتك من بعيد .. لتعيد لنا البسمة والفرحة إلى قلوبنا .. فالبيت لا يساوي شيء .. لا يساوي شيء .. بدونك أيها الغالي .. متى يا أبي تقبلني ولو قبلة واحدة كباقي رفيقاتي التي يقبلهن آباؤهن .. متى يا أبي.. وبينما أسماء تلقي كلمتها، بكى الحضور .. فمنهم من بكي علانية .. ومنهم ومن أخفى دموعه.
وتابعت: كلما أخرج من البيت أتنقل بين شوارع مخيمنا الحزين، أرى أب يمسك بيد ابنته... يداعبها .. يلاعبها .. أتذكر أني لم أعش هذه اللحظات وأنا طفلة بل ذهبت بلا رجعة .. أتذكر أني عشت الآلام والأحزان .. أتذكر أني عشت المرارة والفراق .. وكيف لا تكون الدنيا هكذا، وأنت بعيد عني يا أبي...
أيها العالم الظالم .. ما هذا الظلم الكبير .. ألا تستحون .. يعتقل آلاف الأسرى الفلسطينيين وساكناً لا تحركون، أمّا عندما أسرت المقاومة حاقداً صهيونياً تتكلمون وفي الفضائية كالكلاب تنبحون، لتخرجوه، أين أنتم من العدالة؟ .. أين أنتم من الحق؟.. أين أنتم من الديمقراطية التي تدعون؟... فسحقاً لكم أيها الظالمون.. ولتحيا بلادي .. ولتحيا المقاومة في العيون ...
والجدير ذكره أن الآلاف من الأسرى الفلسطينيين ما زالوا يقبعون خلف قضبان الظلم والطغيان، يقضون شهر رمضان بعيدين عن ذويهم الذين ينتظرون كل يوم لحظة الإفراج عنهم.
إذن فتذكّر، هناكَ من
عاشَ عَتماً، وماتَ وشبّاكه
شُرطة وحديدٌ وأعتابه
عسكرٌ فوق عسكر!!