اشْـتَـقْـتُـكِ حـَدَّ الـضَّـيَـاع ..
عِنْدَمَا يَأخُذُنا الـحَنِيْنُ إِلَى ذِكْرَيَاتٍ ؛ مَافِيْهَا مِنْ كَلِمَاتٍ سِوَى الآهَاتِ الـمَوؤُدَةِ فِي جَوفِ الأَمْس؛
فَلا مَنَاصَ لَنَا مِنَ الـحَسْرَةِ اعْتِكَافَاً و انْزِوَاءَا ..
لَطَالـَمَا حَاوَلْنَا أَنْ نَكُونَ واقِعِيِّيْنَ فِي تَصَرُّفَاتِنَا و انْدِفَاعَاتِنَا و أَقْوَالِنَا و أَفْعَالِنَا ولَكِنْ...
نَجِدُنَا _وبِلا إرادرةٍ _نَعُومُ فِي بُحُورِ الـحِرْمَانِ عَلَى طَوْدٍ مُهْتَرِىءٍ بَالٍ لا يَسْتُرُ
عَوْرَاتِ آهَاتِنَا الـمُـتَكَسِّرَةِ عَلَى صُخُورِ الأَنِين..
غَرِيْبَةٌ هِي تِلْكَ اللَّحظَاتُ الـمَنْحُوتَةُ فِي البَالِ كَمَا لَو كَانَتْ نَقْشَاً للذَّاكِرَةِ عَلَى لَوْحِ الـمُسْتَحِيْل ..
ما الخَطْبُ يا نَفْسُ..! أَمَا مِنْ مَلاذ..!
تُجِيْبُنِي : أنْ لا و لا..
اتِّكَاءً عَلَى رِسَالَةٍ مِنْكِ إِلَيّ ؛ كَتَبْتُهَا ذَاتَ أَمَلٍ بِأنْ تَلْتَقِي القَطَرَاتُ بِالقَطَرَات ارْتِوَاءَا , و الكَلِمَاتُ بِالكَلِمَات احْتِوَاءَا , و تَهِيْمَ النَّظَرَاتُ بِالنَّظَراتِ شِفَاءَا يا مُنَى القَلْبِ و الرُّوح , أخُطُّ إلَيْكِ جوابِي على رِسَالَةٍ مَا كَتَبْتِهَا أنْتِ ..
بَلْ دَثَّرْتِهَا بالنَّأْي حُرُوفَا و الصَّمْتِ عُزُوفَا , ولَكِنَّهَا اجْتَازَتْكِ واجْتَازَتْنِي لِتَحُطَّ رَحْلَهَا مَا بَيْنَ خَفْقِ الفؤادِ..
و زَفَرَاتِ الوَتِين..
إليكِ فارْشِفِين :
أدخَلْتِنِي فُصُولَ الـحَسَدِ و مَا كُنْتُ يَومَاً وَارِدَهَا ..
نعم ..
أحْسُدُ الـحُرُوفَ الـَّتِي بأصَابِعِكِ لامَسْتِ ..
و كَيْفَ لا أفْعَل ..!
رَحَلْتُ و أنَا مُمَزَّقُ الوجْدَانِ والشُّعور ..مُرْغَمَاً على أحلَى الأمَرَّيْن..
نَأيْتُ عَنْكِ فِيَّ عَنِّي يَعْتَصِرُنِي البَيْنُ احْتِرَاقَاً بِنِيْرَانِ وَجِيْبٍ ؛ كُلَّمَا أشَحْتُ شِعْرِيَ عَنْهُ اعْتَنَقَنِي حَدَّ الانْدِمَاج ..
عُدْتُ _ إذْ عُدْتُ _ فَلَمْ أجِدْ إلا طُلُولاً خَاويَة , و آثَارَ حُرُوفٍ بَاكِيَة و لَمَسَاتِ حنِيْنٍ جَارِفَة ..
تَنَفَّسْتُ الفَقْدَ حَدَّ ارْتِوائِهِ مِنِّي و حَدَّ ثَمَالَتِي بِهِ ..
أوقَدْتُ شُمُوعَاً للأمَلِ ما أوقَدْتُهَا يَومَا , و اعْتَكَفْتُ بِأرْضِ الـذِّكْرَى موطِنَاً لِي ؛ عَلَّ الغَدَ يَحْمِلُ مَوكِبَ الغِيَابِ ليَزُورَ مَرَافِىء الانْتِظَار .. و ها قَدْ فَعَل ..
عُدْتُ مُفْعَمَاً بِمَرَارَةِ الفَقْدِ الـَّذِِي تَفَاقَمَ فِيَّ حَتَّى أوشَكْتُ أفْتَقِدُنِي رَوحَاً مُغْتَرِبَةً فِي الـجَسَد ..
لكنَّ اللهَ أكرمَنِي _ أيَّمَا إكْرَامٍ _ إذْ رَشَفْتُ مِنَ البَسْمَةِ بِحُضُورِكِ مَا مَحَا دَوَاوِيْنَاً مِنَ الأنِيْنِ بَيْنَ طَيَّاتِ الحِرْمَان ..
سَعِيْدٌ بِكِ و لأجْلِكِ و يُثْلِجُ صَدْرِي أنَّكِ أنْتِ ما تَغَيَّرِ فِيْكِ مَا فِيْكِ عَنْكِ لِي مِنْكِ ..
اشْتَقْتُكِ حَدَّ الضَّيَاعِ ..